مقاله تحقیقی آیت الله عاملی به زبان عربی، در خصوص شخصیت محقق کرکی به مناسبت بزرگداشت محقق کرکی در بیروت
بسم الله الرحمن الرحیم
المحاور الاصلاحیه فی سیرة الشیخ المحقق الکرکی قدس سره الشریف
بسم الله الرحمن الرحیم
الحمدلله رب العالمین و صلی الله علی محمد و آله الطاهرین
اعتبارا بما ان الشیخ الکرکی قد دعاه الشاه اسماعیل غیر مرة الی ایران، و بما انّ نشاطه العلمی و التنفیذی کان فی ظروف مهّدها الصفویه، فقبل الغور فی البحث الاصلی، یجب مقدمة موجزة فی تعریف الشاه اسماعیل و اهدافه من الحکومة و الاوضاع العقدیه و الاخلاقیه و الثقافیه فی ذلک الزمان و فی رد فعل العثمانیة ازاء تکریس الحکومة الشيعية في ايران
یقول الشاه اسماعيل في أول قيامه و هو في ثالث عشر من عمره:
أنا من العالم العلوی مأمور و في هذه النهضة معذور و يقول في أهداف قيامه:
أريد تطهير الأرض من لوث البدع و أرواثها، و أضرب السكه و إورد الخطبه بإسم الائمة الاثني عشريه.
و لما ورد مع أصحابه مدینه اردبيل أعلن :
كل من في هذا البلداذا شهد أن عليّاً وليّ الله فهو يدخل في جمعنا و جيشنا.
و قبل الحملة و الهجمة على شيروان و فتح تبريز و الجلوس على سرير الملك، قال لأصحابه: كل ما وصل إلينا من الائمة المعصومين نعمل به
و قبل الجلوس على سرير الملك إختار لنفسه لقب” اسماعيل الشيخ الاردبيلي ” ” قزل باش الاثنى عشري”
وکان الشعار الأصلي و الحماسی القزل باشي لاتباع الشاه اسماعيل ” الحمدلله عليٌّ ولي الله”.
و يقول قنبرآغا مربي الشاه اسماعيل في مذاكرته مع سلطان مراد آغ قويون لو:
الشاه اسماعيل ليس له مدد الا الله، و هو قد خرج بأذن الله و من جانبه لترويج مذهب الائمة الاثني عشرية و من كان مبعوثا من جانب الله فهو لا يخاف احداً و لو جمع عليه كل الناس .
و يقول الشاه اسماعيل في مذاكرته مع ابن علا الدوله ذي القدر:
أذن لي من جانب الله و من جانب الائمة المعصومين لاطهّر الأرض من اهل الظلم و الطغيان و أروّج مذهب” عليٌّ ولي الله. “
الشاه اسماعيل فتح التبريز في سنه ٩٠٧ و جلس علي سرير الملك رسميا و امر يوم الجمعه لخطيب مدينة تبريز ان يخطب ان عليا و أولاده المعصومين، هم المنصوبون من جانب الله، ائمةً علي الأمة و أضاف إلى الأذان اشهد ان عليا ولي الله و حي على خير العمل ، و صار هذا أمراً رسميا في كل ارجاء المملكة.
ثم بعد استواء الشاه اسماعيل على سرير الملك هجم عليه العثمانيون و على رأسهم اهل الافتاء هجمة شرسة بالسب و الشتم و الإهانة و التكفير ، مثل الكافر و الزنديق و الرافضي و الملعون و الضال و المضل و الملحد و الاوباش و الشيطان و الطائفة المنحوسه و المنكوسه و واجب القتل.!!!
يكتب السلطان سليم في شأن الشاه اسماعيل:
صفويه بچه ( طفل ) ، لئيم ناپاک (خبيث)، اثیم افّاک، ذمیم سفاک، الطائفة الضالة و الفرقة الضاله، جنود الشياطين، امام عنود ملاعين، اسماعيل بي دين ( لا دين له) ، شيعه شنيعه زنادقة ، اوباش ملاحده، قزل باش، دمّرهم الله و خزلهم؛
و يظهر من التاريخ إجماع المفتين حیث كتب السلطان سليم إلى الشاه اسماعيل في صفر ٩٢٠ بانّ العلماء و الفقهاء افتوا باسرهم بكفرك و ارتدادك و ارتداد اتباعك و هذا موجب للقتل و السبي علي رؤوس الاشهاد.
و كتب السلطان سليمان الذي شنّ اربع مرات إلى ايران للشاه طهماسب:
افتی العلماء العثماني باجمعهم على انّ الدم و المال و الاهل و العيال من اهل المشرق كلهم حلال و الغزو معهم هو الغزو الذي دعى اليه الاسلام.
و حیث کانت الهجمة فقهية فكان يجب أن يكون الدفاع و الجواب ایضاً فقهياً و هنا يظهر دور المحقق الكركي؛ و لا مجال لتفضيل هذا الدور العظيم و بالاجمال نقول كل ما أجاب به الشاه اسماعيل و الشاه طهماسب، كان من وجهة نظر الفقه جواباً شافياً كاملاً مستنداً الي المباني و الادلة القويمة و كان كل من الاجوبة من افكار المحقق الكركي.
اسباب الهجرة:
كان اوّلا
بدعوة من الصفويه لانهم واجهوا تكفیراً عظيما شرسا من العلماء العثمانيين
و ثانيا
يرجع الهجرة الى تقوى علماء جبل عامل و اخلاصهم لأنهم لمّا رأوا الظروف مناسبة لترويج الدين الحنيف و المذهب الحق ، رأوا ان الهجرة الى ايران واجبة دينية عليهم و لا عذر في ذلك؛
و ثالثاً: القتل و العنف من جانب العثمانيين لعلماء جبل عامل، فإن العثمانيين لما عجزوا عن البرهان لجؤوا الي القتل، حيث قتلوا الشهيد الأول و الثاني و ….
المصلح الكبير
كان المحقق الكركي مصلحاً كبيراً في ستة محاور:
المحور الاول: اصلاح عقائد عوام الشيعه و جماعة القزل الباشية،
فإنهم كانوا علي اعتقاد ساذج محرومين عن الاعتقادات الخالصة الأصيلة و عن الأحكام و عن العقلانية و عن الكتب الشيعية، فالتكامل في الفقه و الاخلاق و العبادات في السواد الاعظم إنما حصل بعد حضور المحقق و تاليفه الكتب و تأسيسه الحوزات العلميه
کان الشیخ مصلحا كبيرا في عقائد القزل الباشيه حيث انهم اعتبارا بانتصار الشاه اسماعيل في كل الحروب، و عدم الهزيمه في حياته توهم بعضهم فی حقه الالوهيه ، يقول الشاه طهماسب انا مسرور من جهة واحدة من عدم إنجازنا و نجاحنا في حرب چالدران، حیث ان القزل الباشیه توهموا الالوهیة في حق أبي،فبعدم النجاح انحلت التوهم فالشيخ المحقق أصلح هذا الاعتقاد و جعل الشاه اسماعيل في مرتبته الانسانيه
المحور الثاني: اصلاح البیئة من المنكرات و تطهير السلوك الاجتماعي و رفع عدم اکتراث الناس بالمنكرات و الفواحش
و كان الناس قد اعتادوا علي هذا النهج من الحيات. فدون إصلاحها صعبات للغاية و هنا يظهر قيمة القوة الروحیه و الغيرة الدينية لالشيخ.
المحور الثالث: التحول و التطور في الفقه الشيعي،
الشاه اسماعيل أسس الحكومة الشيعية و لكن لم يكن فقه الحكومة آنذاک مدونا و منقحا و بدونه تواجه الحكومة و البيئة انحرافات قاصمة و في هذه الظروف ابدی الشيخ نظرية ولاية الفقيه و هذه النظرية تكاملت و ازدهرت في مكتب الفقه الكركي، علما و عملا
المحور الرابع: الإصلاح في سلوك اصحاب الحكومة و الموظفين الحكومية مع الناس
و لقد اثّر في ذلك تاثيرا عدیم النظیر صرح بذلك الشهيد الثاني والمحدث البحرانی و نحن اوردنا نصهما في مقالتنا المسماه ب”کرک در ایران”
المحور الخامس: تأسيس افضل اسلوب في التعامل مع سائر المذاهب و الاديان
و هو اسلوب المناظرة و الحوار و بذلك خدم مذهب الحق خدمة عظيمة و له بذلك دور عظيم في نشر مذهب اهل البيت (ع) في ايران، يعلم ذلك الأسلوب مما قاله في قتل التفتازاني و من مناظرته مع أمير غياث الدين منصور و السفير الروسي في اثبات مذهب الحق، كان معتقدا معاملا بقوله تعالي ليهلك من هلك عن بينة و يحيى من حي عن بينة و كان يعتقد ان برهان الاسلام أشد حدة من السيف و مما يجب أن يذكر انّ قتله المخالفين تهمة و افتراء و ازدراء صدر من المفتين العثمانيين بأمرٍ من السلطان سليم، لأجل اقناع الجيش العثماني علي الغزو ، فإنهم – و لا سیما جماعه “ینی چری” – كانوا لا يغزون الا الكفار ، فلذا لم يستطع السلطان سليم البقاء في تبريز بعد انتصاره في حرب چالدران لأجل مخالفة جماعة «ینی چری» لاستماعهم الاذان ثلاث مرات في تبريز و قد رموا بذلک خیامه بالسهام!
المحور السادس: أدرك الشيخ المحقق ببصيرته ان نافذة ان اصلاح الثقافة الدينية و الاجتماعية يتوقف علي توسعة المجاميع العلميه و التربوية و من ثم اقدم اقداما عظيما على توسعة المدارس الدينية في شتى المدن اليرانية و كان يأخذ سنويا سبعين الف دينارا من شاه طهماسب لإنجاز حاجات الطلاب العلميه الدينية و من ثم يعدّ الشيخ اوّل مصلح كبير في تاريخ الحوزات العلميه في ايران.
تم فی دارالارشاد مدینه اردبیل المحمیه صانها الله عن الحدثان
12ذی الحجه سنه 1444